دعا لحماية حق التظاهر والسلم الأهلي.. تجمع نساء زنوبيا يحذر من الانزلاق نحو العنف
دعا لحماية حق التظاهر والسلم الأهلي.. تجمع نساء زنوبيا يحذر من الانزلاق نحو العنف
شهد الساحل السوري وعدد من المدن خلال الأيام الأخيرة تصعيدا مقلقا تمثل في قمع تظاهرات سلمية خرجت للتعبير عن مطالب مدنية ومعيشية، في مشهد أعاد إلى الواجهة مخاوف واسعة من عودة العنف كأداة للتعامل مع الاحتجاجات الشعبية، وقد أثارت هذه التطورات ردود فعل غاضبة من منظمات مدنية ونسوية حذرت من خطورة المساس بحقوق السوريين والسوريات في التعبير السلمي، ومن تداعيات ذلك على السلم الأهلي ومستقبل الاستقرار في البلاد.
وبحسب ما نقلته وكالة أنباء المرأة في فقرتها الإخبارية حول التطورات، فقد أصدر تجمع نساء زنوبيا اليوم الثلاثاء بيانا تناول فيه الأحداث الجارية في الساحل السوري ومدن أخرى، معبرا عن إدانته الشديدة لما وصفه بالقمع والانتهاكات التي رافقت التظاهرات السلمية، وأكد التجمع أن ما يجري لا يمكن فصله عن سياق أوسع من التوتر والانقسام الذي يهدد النسيج الاجتماعي السوري.
رفض الانزلاق نحو العنف
أوضح البيان أن التصعيد الخطير والعنف الذي تشهده بعض المناطق، ولا سيما ما رافق التظاهرات السلمية في الساحل وحمص وحماة، يشكل مؤشرا مقلقا على إمكانية جر سوريا نحو مزيد من العنف، وشدد تجمع نساء زنوبيا على رفضه القاطع لكل الممارسات التي من شأنها دفع سوريا إلى أتون صراعات داخلية أو حرب أهلية جديدة، محذرا من أن ثمن مثل هذا المسار سيدفعه الأبرياء من المدنيين.
ويرى التجمع أن معالجة المطالب الشعبية لا يمكن أن تتم عبر القوة أو القمع، بل من خلال فتح قنوات الحوار والاستماع الجدي إلى أصوات المحتجين، باعتبارهم جزءا أصيلا من المجتمع، لهم الحق في التعبير عن همومهم وتطلعاتهم بطرق سلمية ومشروعة.
وأكد البيان أن قمع التظاهرات السلمية يمثل انتهاكا واضحا لحق السوريين والسوريات في التعبير الحر عن آرائهم ومطالبهم، ويعد في الوقت نفسه تهديدا مباشرا للسلم الأهلي، واعتبر أن الاستمرار في استخدام القوة ضد المدنيين لا يؤدي إلا إلى تعميق الشرخ داخل المجتمع، وزيادة معاناة الشعب السوري الذي أنهكته سنوات طويلة من الصراع.
وأشار تجمع نساء زنوبيا إلى أن الحفاظ على السلم الأهلي مسؤولية وطنية وأخلاقية تقع على عاتق جميع الأطراف، مؤكدا أن أي سلوك يدفع باتجاه العنف أو الاقتتال الداخلي يقوض فرص بناء مستقبل يقوم على العدالة والشراكة الوطنية.
التعددية مصدر قوة
وفي سياق متصل، شدد البيان على أهمية الاعتراف بحقوق جميع المكونات السورية، وضمان تمثيلها العادل والحقيقي في الحياة السياسية والإدارية، بعيدا عن الإقصاء أو التهميش، وأوضح التجمع أن التعددية التي تتميز بها سوريا ليست سببا للصراع، بل تشكل مصدر قوة حقيقية إذا ما جرى التعامل معها ضمن إطار وطني جامع يقوم على الاحترام المتبادل والمساواة.
ويرى التجمع أن أي مشروع لبناء دولة مستقرة لا يمكن أن ينجح دون شراكة فعلية بين جميع أبناء وبنات المجتمع السوري، ودون آليات تضمن مشاركة الجميع في صنع القرار، بما يعكس التنوع الاجتماعي والثقافي والسياسي للبلاد.
وسلّط البيان الضوء على الدور المحوري الذي لعبته المرأة السورية، ولا تزال، في الدعوة إلى السلام والحوار ورفض كل أشكال العنف والحروب، وأكد تجمع نساء زنوبيا أن النساء كن في مقدمة الأصوات المطالبة بالحلول السلمية، وساهمن في الحفاظ على تماسك المجتمع في أحلك الظروف.
وحذّر التجمع من أن استبعاد المرأة أو تجاهل دورها في عمليات صنع القرار يمثل خسارة حقيقية لأي مشروع وطني جامع، إذ إن مشاركة النساء تضمن مقاربة أكثر شمولية وإنسانية للقضايا الوطنية، وتسهم في بناء مسارات سلام مستدامة.
دعوات وخطوات مطلوبة
في ختام بيانه، وجه تجمع نساء زنوبيا جملة من الدعوات الواضحة، في مقدمتها ضرورة احترام حق التظاهر السلمي وحماية المتظاهرين من أي اعتداءات، ووقف جميع أشكال القمع والعنف بشكل فوري، كما دعا إلى عدم جر البلاد إلى صراعات داخلية تهدد وحدة المجتمع السوري وتزيد من معاناة المدنيين.
وطالب التجمع بضمان تمثيل عادل وحقيقي لكافة المكونات السورية دون استثناء، والانخراط الجدي في حوار وطني شامل يفضي إلى حل سياسي عادل ومستدام، يضع مصلحة السوريين والسوريات فوق كل اعتبار، ويؤسس لمرحلة جديدة قوامها العدالة والمصالحة.
تأتي مواقف تجمع نساء زنوبيا في لحظة بالغة الحساسية من تاريخ سوريا، حيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية والمعيشية مع تحديات سياسية وأمنية معقدة. وفي ظل هذا الواقع، تبرز أهمية الأصوات المدنية والنسوية التي تحاول إعادة توجيه النقاش العام نحو قيم السلم والحوار، بعيدا عن منطق القوة والإقصاء.
ويرى مراقبون أن مثل هذه البيانات تعكس قلقا حقيقيا داخل المجتمع المدني من تكرار سيناريوهات العنف، وتؤكد في الوقت نفسه وجود إرادة مجتمعية تسعى إلى حماية ما تبقى من النسيج الاجتماعي، والدفع باتجاه حلول سلمية شاملة.
الدفاع عن حقوق المرأة
يعد تجمع نساء زنوبيا من الأطر النسوية المدنية التي تنشط في الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، مع التركيز على قضايا السلم الأهلي والعدالة الاجتماعية، ويأتي موقفه الرافض لقمع التظاهرات السلمية في سياق أوسع من التحركات المدنية التي شهدتها سوريا خلال السنوات الأخيرة، والتي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، واحترام الحقوق الأساسية، وفتح مسارات سياسية قائمة على الحوار.
وتؤكد التجارب السابقة أن تجاهل المطالب الشعبية أو التعامل معها بالقوة يؤدي إلى تفاقم الأزمات، في حين أن إشراك المجتمع المدني، بمن فيه النساء، في صياغة الحلول يشكل مدخلا أساسيا لبناء استقرار حقيقي ومستدام في سوريا.










